سينما النجوم
الصعلوك شارلو
وسينما النجوم

من الشروط التي كانت تضعها سينما هوليوود للنجومية في بداية الثلاثينات أن تحوز المرشحات على ثلاثة أشياء سوداء هى : العيون – الأهداب – الشعر ، وثلاثة بيضاء وهى : البشرة – الأيدي – الأسنان ، وثلاثة حمراء هى :الشفاه – الخدود – الأظافر ، وثلاثة ممتلئة هى : الاذرع – السيقان – الأرداف ، وثلاثة مقوسة الأهداب – الحواجب – الأنف ، وثلاثة مستديرة: الرقبة – الذقن – النهد ، وثلاثة رقيقة: القدمان – اليدان – والأذنان .
عرض وطلب
هذه الشروط علاوة على أنها تجعل من الممثل سلعة في سوق العرض والطلب ، تتنافي مع أبسط قواعد الفن, فالفن لا يستند على الشكل الخارجي الذي يحمله الفنان , ولكنه يستمد قوته من الطاقة الفنية والموهبة التي يحملها بالإضافة طبعا إلى حساسية الواقع وزاوية الرؤية

الممثل النجم أو الممثلة النجمة , في أغلب الأفلام العربية ,وحتى فى أغلب المسلسلات , بصفة عامة ,ليس جزءا من عمل درامى متكامل يشترك فيه المخرج ، السيناريست ، المصور والمونتير. ولكنه – هذا الممثل أو ذاك – هذه الممثلة أوتلك هو /هى القاعدة التي يبنى الفيلم أو المسلسل فوقها.
لكن أختلف الامر كثيرا مع شارلى شابلن
طريقة مؤثرة
نحن لانحب شارلي على سبيل المثال ، لأنه يضحكنا فقط بهيئته الغريبة : الحذاء الضخم – القبعة – العصا – الشوارب – الجاكت الضيق , ولكننا نعجب به لأنه استطاع أن يقدم لنا مشاهد فنية جميلة ، يسخر فيها من الحياة , ومن مبالغة بعض الناس في سلوكها , وأستطاع أيضا أن يصور بطريقة مؤثرة ، الفروق الطبقية الشاسعة بين البشر.
عن تشابلن ورحلته الفنية ، وعن شخصيته السينمائية الفذة ، كتب أكثر من الف كتاب ومقال ، ترجمت إلى أكثر من 40 لغة , ويقدر عدد مشاهدي كل فيلم من الأفلام التى قدمها بين العامين 1918 و1936 ، وهى من أفلامه الصامتة الطويلة ، بأكثر من 300 مليون شخص , يضاف إلى ذلك آلاف الملايين من الناس الذين شاهدوا أفلامه الأخرى قبل وبعد تلك الفترة .

علامات مضيئة
لقد أقترنت شخصية المتشرد السينمائية بشخصية تشارلى تشابلن في أذهان وخيال أجيال عديدة من رواد السينما في جميع أنحاء العالم ، وتمثل روائعه السينمائية مثل ( البحث عن الذهب ) و( العصور الحديثة ) و ( أضواء المدينة ) وغيرها علامات مضيئة في قائمة كلاسيكيات السينما العالمية . وكان للأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما أن تمنحه جائزة أوسكار فخرية العام 1972 تقديرا ل ( الدور الذى يفوق الوصف الذى لعبه في تحويل صنع الأفلام السينمائية الى النمط الفنى المميز للقرن العشرين ) .
لقد نجح تشابلن أن يصبح في أقل من سنتين الممثل الأكثر شهرة في الولايات المتحدة، ولم يكن يُكتب قبل ظهوره اسم الممثل على لافتات السينما، فكان تشابلن هو أول ممثل تعلن الشركات ودور العرض عن اسمه؛ “تشابلن هنا…” وبذلك يكون نظام النجومية قد بدأ العمل به مع ظهور هذا الممثل العبقرى .
مضمون إنسانى
وبلا تردد يمكن القول أن أفضل حركات إيمائية ، و أعمق مشاعر ، و أغنى روح شاعرية ، تتواجد في أعمال الممثل والمخرج وكاتب السيناريو والموسيقى والمنتج تشارلى تشابلن ( 1889- 1977 ). هو بلا مبالغة على رأس قائمة أهم فناني السينما ، و حتما من أفضل المؤدين على الشاشة، و ربما يظل إلى الآن العلامة الأبرز في تاريخها .

ومن الملاحظ ان تحول تشابلن من ممثل صغير إلى نجم كبير, ومن نجم كبير إلى أسطورة ,لم يأت عن طريق شركات الإنتاج ، أو وسائل الأعلام ، أو اتقان حركات معينة ، أو اتباع شروط هوليوود ، أو عن طريق ابتزاز الناس بضحكات رخيصة لامعنى لها , لكن عن طريق العامة الذين كانوا يتابعون أعماله , وهى أعمال سينمائية رفيعة في مستواها الفني , وذات مضمون إجتماعي وانسانى ، نجحت ( ومازالت) فى تحريك مشاعر ووجدان الناس فى كل مكان
عماد النويرى
