الفلوس

الفلوس

البطلات الفاتنات .. والدراما العربية

كتابة  عماد النويري

ميريام فارس

لنا آن نتخيل مئات المسلسلات التي تلعب فيها (الفلوس) الدور الرئيسي والأوحد في خراب البيوت، وفساد الذمم، وأنحراف البطلات (الفاتنات)، وضياع الأبطال (الفاتنين). هذا غير انهيار العلاقات بين الإخوة والأخوات.

في مسلسلات زمان كان النصر دائما في جانب الحب والصداقة ، في مواجهة (الفلوس) اللعينة، لكن في هذا العصر ولأن (الفلوس) أصبحت هي دينامو الحياة ، وبواسطتها نستطيع ركوب السيارة، وإقتناء الثلاجة، وقضاء الصيف في أسبانيا أو في هاسيندا أو لافستا، وشراء البامبرز، وإقتناء عطورات ميريام فارس. لأن أهمية (الفلوس) أصبحت كذلك فإن أغلب المسلسلات ، ومنذ التسعينيات ، كرست مقولتي (الرزق يحب الخفية) ، و (فتح عينك تأكل ملبن) . هذا الملبن من الممكن آن يكون (خبطة) العمر التي تأتي عن طريق تهريب شحنة مخدرات،أوعن طريق ( نصبة ) تنصبها بطلة المسلسل على نصاب آخر.

البطل النبيل

زمان كانت مشكلة كبيرة ، وسهر ليال طوال إذا حدث وقرر بطل المسلسل أن يقتل عمه العجوز للحصول على الذهب الذي يخفيه في عمود السرير. وإذا حدثت عملية القتل فإن البطل يقع صريعا لتأنيب الضمير، وسرعان ما ينتحر أو يسلم نفسه للشرطة ،  لتأخذ العدالة مجراها. في مسلسلات أخرى كان البطل عندما يرتشي فلا بد لكاتب القصة آن يسوق لنا مبررات تكفي واحدة منها لكي يذرف المشاهد الدموع بحورا وانهارا ، تعاطفا مع هذا البطل المسكين الذي أقدم على فعلته الشنعاء . صورة البطل النبيل يبدو أنها على وشك الاختفاء، فالبطل المعاصر على استعداد دائم لقتل أمه إذا استدعى الآمر ، ولا يكتفى بهذا  ، وإنما هو في حالة استعداد لإطلاق النار على كل من تسول له نفسه الأقتراب منه بإعتبار أن القتيلة هي أمه  ، وهو حر فيها! .  وأصبح بطلنا لا يخجل من تلقى الرشوة بإعتبار أنها حق شرعي طالما أنه (يسلك) مصالح الآخرين. القتل والتآمر والخيانة والرشوة والزواج بامرأة ثانية من وراء ظهر الزوجة الأولى ، وإعلاء قيمة الفلوس على أي قيمة أخرى، وأفتقاد الحب والصداقة  , وانهيار العلاقات الأسرية ، كل هذا وغيرة  ، أصبح هو الشغل الشاغل للدراما العربية، وانتقل في ما بعد للدراما الخليجية.

روبى

ملامح ومتاجرة

الموضوع ليس عمل مقارنة وتفضيل بين الدراما القديمة والجديدة ، لأن لكل عصر ملامحه الخاصة به، ولكن الموضوع يختص بحالة استسهال كتاب الدراما عندنا في التركيز على القيم السلبية في حياتنا (حتى إذا كانت هي الغالبة) وعدم التطرق إلا في ما ندر إلى الصور المضيئة التي تدفعنا لمواصلة الحياة.

نعم لم يقل أحد أن وظيفة الفن تنافس وظيفة وزارة الصحة، أو وزارة الشؤون الاجتماعية، وليس مطلوبا من الفن أن يعالج المشكلات، أو يضع حلولا لها، لكن من المهم أيضا ألا يتحول كاتب الدراما إلى مجرد ناسخ شاطر لمشكلات الواقع ،  من أجل المتاجرة بهذه المشكلات.                                                                         

رأي واحد حول “الفلوس

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s