


منذ21 عاما ، وفي مثل هذه الأيام ، رحلت عن دنيانا سعاد حسني. وحتى هذه اللحظة لم يعرف أحد على وجه التحديد سر موتها ، ولن يعرف أحد ذلك في القريب العاجل. كما يبدو فإن هناك بعض النهايات يجب أن تكون معلقة مثل ما حدث مع أسمهان وكاميليا والمشير عبد الحكيم عامر وغيرهم وغيرهن . واحتفالا بذكرى الرحيل عرضت الفضائيات العربية فيلمها الأول «حسن ونعيمة» و «صغيرة على الحب» و «غروب وشروق» ويتواصل عرض الأفلام هنا وهناك

من غروب وشروق
بنت كويسة
عنها قال توفيق الحكيم: «بنت كويست وخفيفة الدم». وقال نجيب محفوظ: «تتألق في مختلف الأدوار» أما كمال الملاخ فقد أطلق عليها «فاطمة رشدي العصر»، وقال كمال الطويل: «رائدة الغناء التعبيري السينمائي». أما هي فقد قالت عن نفسها «شخصيتي المحببة إلى الجمهور هي شخصية البنت العصرية المحتشمة بغير تزمت التي يتجسد فيها الانطلاق والحيوية والأنوثة». وقالت عن نفسها أيضا «كل ما حلمت به استطعت تحقيقه وإذا لم أكن قد غنيت في أول أفلامي «حسن ونعيمة» فقد غنيت في فيلم «صغيرة على الحب» وحلمت بتنويع أدواري فشاركت في أعمال تراجيدية وكوميدية وسياسية واستعراضية وأصبح لي أكثر من وجه فني

صورة قاسية
والبداية كانت يوم 26 يناير عام 1946 في بيت قديم تطل نوافذه على جامع الكاخيا القريب من ميدان الأوبرا بالقاهرة ، وجاء مولدها بعد عشرة من الإخوة والأخوات لم تنجبهم أم واحدة وإنما أربع زوجات ، وكانت أم سعاد هي الزوجة الرابعة ، أما الأب فقد كان يعمل خطاطا معروفا ولم يكن يؤمن بالتعليم على رغم أن ذريته كانت تضم أكثر من موهبة. وكان ضمن هذه المواهب المطربة نجاة صغيرة. وكان من المقرر توجيه سعاد للطرب عسى أن يكون حظها مثل حظ أختها نجاة ، وهذا هو السبب أنها وقفت أمام ميكروفون الإذاعة لأول مرة قبل أن يبلغ عمرها ثلاثة أعوام لكي تسجل لركن الأطفال الذي كان يشرف عليه محمد محمود شعبان «بابا شارو» ، وفي سني حياتها الأولى اصطدمت بصورة قاسية لشقاق مستمر بين والديها انتهت بالطلاق ، وعندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها أرسل والدها في طلبها وعند وصولها إلى منزلة فوجئت برجل عجوز ضخم الجثة يرتدي الملابس الشرقية يدخل مع والدها إلى المنزل والجميع يبالغون في الترحيب به، وفي مشهد سيتكرر كثيرا في أفلامها فيما بعد دخلت سعاد بصينية القهوة كما طلب منها أبوها ولاحظت أن الرجل العجوز يثبت نظراته على وجهها وعرفت في ما بعد أن الرجل جاء ليطلب يدها، وكان الرفض الأول
تكرر الخطاب لكنها رفضت كل العروض لأن أحلامها كانت أكبر من الزواج والبيت والأولاد
.نجاحات كبيرة
وبعد «حسن ونعيمة» الذي أطلقها إلى عالم النجومية وفاز بجائزة أحسن فيلم لموسم 58 توالت أفلام سعاد حسني ومع كل فيلم كانت تنضج الموهبة وتتأكد وتزداد لمعانا ، ونذكر من هذه الأفلام «البنات والصيف» و «إشاعة حب» و «السفيرة عزيزة» و «القاهرة 30» و «الزوجة الثانية» و «حكاية 3 بنات» و «حواء والقرد» و «شباب مجنون جدا» و «حلوة وشقية» و «نادية» و «بئر الحرمان» و «غروب وشروق» و «الحب الضائع» و «الكرنك» و «شفيقة ومتولي» و «المتوحشة» و «أهل القمة» و «المشبوه» و «موعد على العشاء» و «غريب في بيتي» و «الجوع» و «الدرجة الثالثة» وأخيرا «الراعي والنساء
وفي مجال التلفزيون حققت سعاد حسني أيضا نجاحات كبيرة وفي كل أعمالها كانت سعاد قادرة على أن تلفت أنظار المشاهدين وعلى أن تثبت أنها قادرة على الاختيار وأداء كل الأدوار الصعبة وقادرة أيضا على إثارة الجدل من خلال طبيعة الأفلام التي تقوم ببطولتها. وفي كل أعمالها كانت سعاد قادرة «وهذا هو المهم» في أن تتوحد مع الكثير من هموم وأفراح المرأة العربية في كل مراحلها. وفي كل أدوارها كانت سعاد حسني قادرة على أن تعبر بالشفتين والعينين والرمشين وشعر الرأس والالتفاتة والإيماءة وزن الشفة وابتسامة الفم وحركة الذراع والأصبع والقدمين وجميع الخلجات والمشاعر التي تحتل العقل والقلب
————
منذ 21 عاما ، وفي مثل هذه الأيام ، رحلت عنا الفنانة الجميلة سعاد حسني ولفترة طويلة مقبلة ستبقى نجمة متألقة
في سماء السينما العربية ، وفي فضاء التلفزيون العربي
عماد النويرى
