صندوق البهات
صندوق الدنيا
ومساحة للتفكير

بعد ( أستغماية) و( البلياتشو) , وفتره اختفاء أكثر من عشر سنوات , يعاود عماد البهات الظهور على خارطة الفيلم الروائي المصرية ب ( صندوق الدنيا ) الذى يحقق من خلاله واحدا من أحلامه الصعبة , ويضع فيه خلاصه رؤيته للواقع المصري خلال الفترة الأخيرة , مشاركا كعادته مع اسامه حبشى في الكتابة , في محاوله جديده من محاولاته لتخطى السائد والمألوف .
مصير الشخصيات
في ( صندوق البهات ) نحن بصدد التعرف على حكايات وشخصيات كثيره , تتجمع بالصدفة في زمان مجرد ,في وسط المدينة , و تتوزع على مساحه المكان بعض الأحداث المتلاحقة في ليل خارجى واحيانا داخلي . سنتعرف على ( (ادم ) وهو كاتب وشاعر محبط ، يرغب في قتل زوجته ( ربى ) التي تخونه مع الريجسير (حاتم ) الذى يعدها بعد ليله حمراء بالعودة الى الأضواء , وقبل محاوله قتلها التي تفشل بسبب تدخل صديقه الممثل المغمور ( عصفور) , يحصل ادم على مسدس من بلطجى تطارده الشرطة ، واثناء هروبه يتسبب في قتل وافد قروى مسالم جاء الى القاهرة هو وابنه لنقل نساء راغبات في زياره الحسين . وسنتعرف أيضا على ( مرجيحه ) الطيب الابكم االذى يهيم شوقا في حب ( فاطمه )الممرضة المسكينة التي توافق على ان تتزوج عرفيا من رئيسها الطبيب الفاسد , الذى سرعان مايلتهم جسدها , وماان ينتهى من فعلته , يقوم بسرقه ورقه الزواج ويختفى . وفى النهاية لانعرف على وجه التحديد مصير الشخصيات التي جعلها السيناريو تتحرك مسلوبة الإرادة في دوائر مغلقة , أكثر من كونها شخصيات من لحم ودم , قادره على الحركة والفعل , لانعرف شيئا عن ماضيها , ولا نرى أيه بارقه أمل تقول أنها ستثور على حاضرها ، أو تتتغير إلى الأفضل وربما الى الأسوأ كما يتطلب ذلك الرسم الدرامي للشخصيات طبقا للطريقة الكلاسيكية ، أو ( الارسطية ) .

حكايات متفرثة
لاباس.. نحن أذن بصدد محاوله سينمائية لاتقدم حدوته ( تقليدية ) ، ( جماهيرية ) ، (تسلويه ) ، وإنما هناك بعض الحكايات المتفرقة التي تحكى من خلال سرد غير تقليدي على هيئه (فصول أوفقرات منفصله متصلة ) ، أراد الفيلم أن يقدمها كمعادل لبعض حكايات حقيقيه تحدث في الواقع , حتى لو بشكل رمزي . فالقروى الطيب الذى تسيل دمائه على الاسفلت هو رمز للنقاء والطيبة والبراءة في تعامله مع ( المدينة الفاسدة والقاتلة) . والكاتب والشاعر ( ادم ) هو رمز للمثقفين المدعين الذين يدعون التحضر وفى داخلهم يعشعش الجهل والتخلف , و ( فاطمه ) رمز لحال المرآه العربية المغلوبة على امرها , و( ربى ) نموذج اخر للمرآه الخائنة التي تبيع جسدها من اجل المال واشهره . ورغم سوداوية الواقع وسلبيه النماذج المعروضة يقدم لنا صندوق البهات بعض النماذج المضيئة , رغم قسوة واقعها , تبعث على الامل والتفاؤل مثل ( عصفور ) و( مرجحيه ) وبائعه الخضار . والحاوى الشاب الذى ينجح في تجميع كل الشخصيات حوله في نهاية الحكايات , وهو يعلمهم التحدي وضرورة تجاوز المصاعب وقطع خيوط الماريونيت القدرية التي تحركنا كما شاهدنا في بداية الفيلم , من أجل أن تستمر الحياه
مساحة للتفكير
في صندوق البهات اذن حكايات متفرق’ يجمعها المخرج والكاتب من صندوق الدنيا دون هدف واضح لتوجيه نصائح أو مواعظ او عبرات سوى هدف الفرجة, وطبعا هناك رغبه في اعطائك مساحه للتفكير والتأمل , ولك الحق في ادانه الشخصيات والحكايات , وربما التعاطف معها . وهى في كل الأحوال تجربه تستحق المشاهده .
عماد النويرى
